من خلال موقع المجد برس تستعرض معكم في هذا المقال ،رواية عقاب ابن البادية الفصل السادس والخمسون 56 بقلم ريناد يوسف ، لمزيد من التفاصيل حول المقال تابع القراءة
رواية عقاب ابن البادية الفصل السادس والخمسون 56 بقلم ريناد يوسف
رواية عقاب ابن البادية البارت السادس والخمسون
رواية عقاب ابن البادية الجزء السادس والخمسون
رواية عقاب ابن البادية الحلقة السادسة والخمسون
اما في خيمة سالم..
ممدد في فراشه ينظر لنقطة بعيدة في الخيمة، فأقتربت منه وجلست بجواره ودست يدها في شعره وقالت مداعبة:
-اقول ليش نبضي سابح بخياله بعيد، إيش اللي شاغله يخسى الفكر كلو.
إعتدل بنصفه وقابلها مستنداً على ذراعه وتحدث بجدية قائلاً:
– مزيونه اسألك سؤال
-الف مو واحد
-انت قولتي لي انك كنتي تحبيني من وقت كنتي صغيره صح؟
-اي.
– طيب كيف كنتي تتعاملين وانت تشوفيني مع رجوه، كيف من الأساس تحملتي وانت تعرفين ان شويقك ماراح يكون لك، كيف استمريتي؟
-والله صعبه ياسالم ومو سهلة بالمرة، ويمكن هاد المصبرني على الحال الانا فيه، عاذره لأني مجربه وضايقه.. بس بالنهار كنت الهي روحي واضيع الوقت بغزل الصوف، كنت اكثر بنيه تغزل صوف بكل القبيلة، القهر والشوق وقلة الحيلة الكنت اطلعهم بالصوف كانوا ينفعوني.. منها فكري يرتاح شوي ومنها اقبض قروش.. بس هاد بالنهار، أما الليل فما تدعي على عدوك بليل العاشق المحروم.
– مافيدتيني يامزيونه.
– ليش يانبضي، انا حكيت وانت المفهمت علي.
– حكيتي انك كنتي تغزلي.
– لا حكيت كنت الهي روحي بشي غير التفكير، وانت لزوم تلهي روحك ياسالم.
– تريديني اغزل يعني ولا ايش؟
-اي اغزل واعتبرني انا الصوف.. جرب تغزلني وشوف ايش راح يطلع معك.
– تقصدي اغازلك مو اغزلك.
– والله بشوقك تغزلني تغازلني انا كُلي لك ورهن إشاره منك.
-انحبك حين تخلي كل الطرق تأدي ليك بالنهاية وتحطين روحك هدف.
-لا ياضي لعيون، انا انحاول اكون لك طريق مفروش ورود إذا اتسددت بوجهك كل الطرق، انكونلك جسر تعبر به من الحزن للفرح.
-اممم.. حياله.
-لا والله، انا اريد بس راحتك وادلك عليها، اشوفك محتار ومضيع الدروب ويعز علي ما آخذ بيدك.
انهت جملتها وأمسكت كفه وقبلت باطنه وهي تنظر مباشرة لعينيه، فتغيرك ملامحه للراحة وهو يبادلها النظرت وهمس لها وهو يجذبها إليه:
– قوية وماادري من وين تجيبين قوتك؟ حياله وعيونك ناعسات وحلوات حيييل… قربي يامزيونه اريد بعد من الشهد الينقط من شفافك ماعدت اكتفى منك ولا اشبع من قربك.. تعي ياراحتي النفسيه.
وهمس لنفسه وهو يقترب منها حتى تلاشت المسافات وأختلطت الأنفاس:
-وين كنتي انت وقت قلبي ماكان لاقي إلا رجوه، ليش ماظهرتي بحياتي قبلها، والله كان وااااجد اشيا تغيرت.
اما في القاهرة..في سجن النساء..
-ياسين، الحمد لله انك جيت وخليتني اشوفك ياحبيبي، انت واحشني قوي انت واختك، هي مجاتش معاك ليه، وفين ابوك مجاش ليه هو كمان؟
-اختي طفشت بعد ماعرفنا انها حامل من واحد حيوان ابن كلب وبابا في المستشفى وقع وجاتله جلطه بعد ماسمع الخبر.
– مستحيل انت بتقول ايه؟ كارمن متعملش كده ابداً، كارمن لسه صغيره ومتعرفش حاجه اكيد الولد دا ضحك عليها، اوعوا لو لقيتوها تحاسبوها هي حاسبوه هو.
دور علي اختك ياياسين ورجعها متخليهاش تتمرمط والكلاب تنهشها وكل حاجه ليها حل يبني.
-كنت واثق إن دا هيكون كلامك ورايك، اساساً انا هستنى أيه منك؟
– يعني ايه ياياسين، انت ناوي لاختك على شر؟ اوعي ياياسين اغضب عليك والله.
– اخر همي غضبك أو رضاكي، واخر همي بنتك، اقولك حاجه من الاخر انا ميهمنيش مين يعيش ومين يموت ومين يرتاح ومين يتعب، انا اللي يهمني نفسي وبس، أنا ومن بعدي الطوفان.. مش دا اللي علمتهوني؟
-انت مين.. إنت مش ياسين ابني إنت اكيد واحد تاني، انت اتبدلت كده ازاي؟
-لا انا إبنك واللي شايفاه دلوقتي هو اللي زرعتيه فيا من صغري، مستغربه ليه مني؟ وكنتي مستنيه إيه من واحد أمه وأبوه بيحطوا اخواتهم تحت رجليهم عشان مصلحتهم؟
عايزاني اطلع احب اختي واخاف عليها ازاي وانا شفت بابا بيسم اخته بأيده وشفته بيدبر لموت اخوه،
انا لو مدحت عايش وكان فيه ورث مابينا كنت خلصت عليه بأيدي من غير مايرفلي جفن.. وكارمن وقت ماهلمحها بس مش محتاج اقولك هعمل فيها إيه،
وانتي من اللحظه دي إنسي إن ليكي ابن إسمه ياسين، محاكمتك بكره ومش هحضرها، وأياَ كان الحكم مش هيفرق معايا، واتمني إنه يكون إعدام عشان ملفك يتقفل من حياتي نهائي.
-ملفي! بقيت مجرد ملف فحياتك ياياسين؟
– كل الناس في حياتي ملفات وأوراق، الورقة الكسبانه بخليها والورقة الخسرانه بقطعها وارميها فاقرب زباله.. للأسف كان نفسي فعيلة ارفع بيها راسي وسط الناس، مش عيله زيكم مهما كبرت اول ماافتكرهم احس بالخجل والعار.. ياريت عمي محمود كان ابويا وعايده مراته كانت أمي، صدقيني كان هيفرق معايا كتير اوي.
تماسكت فريال طوال الوقت حتى سمعت الجملة الأخيرة فترنحت واستندت على المكتب وهي تلفظ آخر ذرة تماسك،
وانهارت وهي ترى ابنائها واحداً تلوا الآخر يتمنون لو ان عدوتها اللدود أمهم، واخذت تتسائل كيف يحدث هذا بعد كل مافعلته لأجلهم؟ وكيف لإبن أن يكون بهذا العقوق نحو والديه وعائلته، أخذت نفساً عميقاً واعتدلت وغادرت المكتب بأكتاف متهدلة وظهر محني؛ فالآن فقط لن تأبه للحكم، ومرحباً بالإعدام بعد الذي سمعته من فلذة كبدها،
ووداعاً لدنيا ردت لها الصاع ألاف ووجهت لها الضربات القاتلة واحدة تلو الأخري تِباعاً في منتصف القلب تماماً.
عادت لزنزانتها وفور عودتها وجلوسها اتت السجانة تستدعي اختها فاطمة؛ فقد جاءت لها زيارة.
ذهبت معها فاطمة وكانوا اولادها الثلاثة، كانت المرة الأولي التي يأتون لها منذ سجنها، نظرت إليهم ولم تتحمل اللوم في اعينهم فأخفضت عينيها أرضاً.. تقدمت منها حياة وسألتها والدمع يفيض من عينيها:
-ليه بابا.. دا كان طيب وغلبان جداً وكان بيحبنا.. كان أحن واحد في الدنيا علينا ليه تحرمينا منه؟
عملك ايه يستاهل عليه القتل؟ يعني حتي مشفتكيش اتجوزتي ولادخل راجل تاني غيره فحياتك وكان سبب فأنك خلصتي منه!
اديني دافع واحد يخليكي تعملي كده غير إنك إنسانه مريضه بالقتل.. ولا فعلاً كان فيه راجل وبعد ماوعدك خلف؟
رفعت فاطمة عينيها ونظرت لإبنتها مستنكرة إتهامها لها بالخيانة وردت عليها قائلة:
-لا ياحياة انا معملتش كده عشان راجل تاني، أبوكي لو كان فضل عايش كنت هفضل محبوسه انا وانتوا ومدفونين في البلد لآخر العمر، مكنش أبداً موافق إننا نسيب البلد ولا كان راضي يسيب الارض والفلاحة، عمري ماشفت منه طموح او تفكير بأنه يحسن حياتكم ومستقبلكم، اتولد وعاش فلاح وكان هيموت فلاح واخواتك من بعده يفضلوا يفلحوا في الأرض حتي وهما معاهم اعلى الشهادات.
ردت عليها حياة بحسرة:
-يااااه تصدقي سبب قوي وأقنعني،، يعني قتلتيه عشان مكانش عنده طموح؟!
بصراحة يستاهل القتل فعلاً.. ازاي كان هيعيش من غير طموح؟
ازاي كان هيكمل حياته راضي باللي ربنا قاسمهوله وميبصش للي فأيد غيره.. ازاي كان هيفضل فلاح ويأكلنا من شقاه وتعبه لقمة حلال وتكون متغمسه بعزة النفس ويشربنا الكرامة؟
ازاي مكانش هيسيبنا نروح نسكن في قصر اختك عاله عليهم وطول الوقت حاسين اننا مش في مكانا واننا ضيوف تقال، ونحاسب عالكلمه والحركة والنفس اللي بنتنفسه.
ازاي كان فضل عايش وحرمنا من كل ده.. لأ بصراحة برافو عليكي يادكتوره فاطمه عملتي الصح والصالح لينا فعلاً.
ودلوقتي اديكي لابسه الأبيض ومستنيه الحفلة المعمولة على شرفك بكره وهتاخدي فيها جايزة الأم المثالية المضحية والقاضي هو اللي هيديهالك.
الشاب اللي كان متقدملي لما عرف باللي عملتيه جري ونفد بجلده؛ خاف احسن اعمل زيك في يوم من الأيام واقتله.
وعمتي لما عرفت انك قتلتي اخوها طردتني بره بيتها وقالتلي مش هخلي فبيتي حيه بنت حيه، اخواتي محدش من عمامي راضي يستقبلهم فبيته ولا يخلونا حتى نرجع نسكن بيتنا القديم.. دمرتينا وشردتينا ويتمتينا منك لله ياشيخه.
انهت كلماتها وغادرت المكتب مسرعة، أما اخويها فتبعاها دون ان ينطق احد منهم بحرف واحد، وكأن حياة اختهم قالت كل ما يجب أن يُقال وليس لديهم أية إضافة، هي فقط نظرة إحتقار اعطاها لها كُل منهم قبل أن يفارقوها للأبد.
فعادت للزنزانة بنفس حال اختها فريال وبنفس الألم والوجع، وانزوت كُل منهم في ركن تندب أطماعها التى أوصلتها لهذه المرحلة وخسرتها كل شيء.
وجاء اليوم التالي بالمتوقع للجميع، وحكمت المحكمة بتحويل اوراق فريال وفاطمة للمفتي، وبهذا حسم أمرهم بالإعدام، وماهي إلا بضعة إجرآت.
تلقي ياسين الخبر عبر الهاتف وذهب لأبيه في المشفى رأساً، أخذ الإذن من الطبيب ودخل له، كان يحيي مغمض العينين يئن، فأمال ياسين بجزعه عليه وهمس له في أذنه:
-بابا أمي اتحولت أوراقها للمفتي، وأختي كارمن أنا خلصت عليها من يومها، ومدحت راح ومفضلش غيري انا وانت، قوم بقى وخف أو موت وخلصني؛ عشان انا مش فاضي لرميتك في المستشفى دي؛ ورايا حاجات كتيره عايز اعملها متعطلنيش.
أنهي كلماته واعتدل ليسمع بعدها صوت صافرات تصدر من الأجهزة المتصلة بجسد أبيه، فوقف يتامله لثوانٍ قبل ان يأتي الطبيب وطاقم التمريض في عجل ويبدأوا في إنعاش قلبه الذي توقف، وكأنه تقصد فعل ذلك ويعرف أن هذا ماسيحدث، فوقف بعيداً وقد ربع ذراعيه فوق صدره وإخذ يراقب ببرود لا يتناسب مع الموقف لدرجة أثارت إستغراب كل من بالغرفة وتعجبهم!
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية عقاب ابن البادية)
في نهاية مقال رواية عقاب ابن البادية الفصل السادس والخمسون 56 بقلم ريناد يوسف نختم معكم عبرالمجد برس